التكنولوجيا والبرمجيات هي عصب الاقتصادات الناشئة كما أنها لا تزال أكبر دافع للاقتصادات القديمة ، ومن يمتلك لجام التصنيع التكنولوجي فقد استمسك بحبل التقدم والتطور .
والعلم والفكر التكنولوجي متوفر من خلال العقول الكويتية المبدعة التي يزخر بها النادي العلمي مثلا أو جمعية المهندسين ، ومن خلال العقول العربية التي هاجر معظمها إلى بلاد الغرب طلبا للدخل المتناسب مع عطائهم العلمي وهم راغبون بالعيش في بلاد إسلامية عربية حرصا على الجو المناسب لتربية أبنائهم ، ومن خلال العقول الغربية أيضا التي هي على استعداد للهجرة المعاكسة إلى بلادنا إذا وُعدت بعقود عمل جيدة ورواتب مجزية .
الكيان الصهيوني سبقنا إلى هذا منذ زمن بعيد ، صحيح أن الاقتصاد الصهيوني يعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي ، لكن الأصل هو في (الرؤية) التي استبعدت تحول البلد إلى بلد ريعي رفاهي تأتي للناس رواتبهم وهم مرتاحون ، بل جدوا واجتهدوا في دفع الصناعة والتقدم التكنولوجي حتى مع الإحاطة بهم من قبل دول معادية !! والآن هم يبيعون أجهزة من تصنيعهم إلى الصين وغيرها من دول العالم .
أما الهند ففي مِثالها عجب عجاب ، فهل تعلم عزيزي القارئ أن كثيرا من الشركات الأجنبية حولت قسم الدعم الفني إلى مراكز لها في الهند ، يتصل العميل على رقم في أمريكا أو أوروبا فيحول اتصاله إلى بنغالور في الهند ليتولى الاختصاصيون الهنود الرد على الأسئلة الفنية !
إنه لا يزال بالإمكان أن ندخل السباق وننافس تلك الدول ونلج مجال الاختراعات والتصنيع التكنولوجي إذا توافر لذلك شرطان: أولهما الرؤية الحكومية التي تضع هذا الأمر في أولوياتها وتوفر له الإمكانيات وتسهل له الطريق ، وثانيهما اقتناع رؤوس الأموال الكويتية بالاستثمار في هذا القطاع المهم والحيوي حتى مع احتمال تأخر تحقيق ربح في المراحل الأولى من هذا التوجه ، إلا أن العائد الاقتصادي والسيادي من ورائه ضخم وأكبر من أن يقدر بثمن .
وليس من الصعب أن يشتري مستثمر كويتي أو مجموعة مستثمرين شركة تكنولوجيا أمريكية أو أوروبية أو يابانية ثم يحولون عملياتها إلى الكويت ويُدخلون المهندسين الكويتيين للعمل بها بغرض التدريب واكتساب الخبرة الصناعية .